الثلاثاء، 31 مايو 2016

بنية العصبية القبلية في السلوك الانتخاب

بقلم: الطالب الباحث حسن حبران

لا نود في المقام أن نسلط الضوء على حزب معين، حتى لا نتهم بالشباطوية أو العدلوية أو الباموية أو شيء من هذا الفهم السياسي، بالقدر الذي دفعنا اندماجنا اليومي للاستعدادات الانتخابية بوعي أو بدون وعي أو الحملة الانتخابية قبل أوانها، ليس انخراطنا فيه. وإنا  نريد أن نسجل إلى أي حد استطاع إنسان القرن الواحد والعشرين عامة، وإنسان واحة فركلة خاصة التخلص من تلك العصبية القبلية؟ كما لا ننفي بتاتا محاولة فهم وتفسير  وتأويل ما يجري في واقع الأمر انطلاقا من معطيات سوسيوثقافية ورأسمال ثقافي ذو تنشئة اجتماعية محض. فإلى أي حد استطاع إنسان فركلة اختيار مرشحه بكل قناعة ذاتية وفهم موضوعي وعقلاني  للجانب السياسي ؟ كيف يحضر مفهوم العصبية القبلية والانتهازية) النفعية( في الممارسة الانتخابية بواحة فركلة؟ خاصة في العالم القروي أو إن شئنا القول شبه حضري .

إن إشكالية  العصبية القبلية  في علاقاتها بالجانب السياسي ليس وليد اللحظة بالقدر الذي نجد هنالك تراكمات عدة عبر التاريخ السوسيوثقافي والاجتماعي للمجتمعات الإفريقية عامة والمجتمع المغربي خاصة وصولا إلى المغرب العميق بلغة السوسيولوجي بول باسكون. فإذا كانت العصبية القبلية بالفهم الخلدوني تشكل مفتاح جميع المشكلات التي يطرحها أحداث التاريخ الإسلامي وأنها تشكل مرحلة واحدة تقف عند النسب ) الشرفاوي ( والتلاحم والمصاهرة و وحدة الدم، مرورا بالتفسير الدوركايمي من المجتمع ذو التضامن الآلي إلى المجتمع العضوي، ثم أبحاث كولونيالية وانقسامية التي أكدت ) ايدولوجيا ( على البنية السياسية للقبيلة أنها قائمة على اديولوجية النسب أو الجد المشترك، حتى وان كانت الانقسامية ذات العلمية النسبية.

نعود اليوم لمغرب القرن الواحد والعشرين حاملين معنا مجموعة من المعطيات الميدانية التي لها علاقة بالسلوك الانتخابي وأسئلة منهجية مرتبطة بواقع اليوم، ليس لنؤكد على النظريات السابقة التي كرست جهدا لدراسة مجتمعاتنا حتى لا نقع في نوع من الاختزالية أو الإسقاط، وإنما لإزالة الستار عن المخفي بحجة أنه لا علم إلا بما هو خفي، ثم محاولة فهم إلى أي حد لازالت تحضر تلك المفاهيم المرتبطة بالقبيلة. هذا إذا ما افترضنا أن جميع مقومات القبيلة ــ التي لا يسعنا ذكرها في هذا السياق ــ  تحضر في مجتمع اليوم ! يقول أحد المبحوثين في صدد مقابلة مفتوحة حول آليات أو معايير اختيار مرشحه المفضل الذي سيصوت عليه، علما أننا قصدنا أفراد سجلوا في اللوائح الانتخابية، ‘’ أنسكسو إغرام ناغ عاد نسكسو اغرمان ياطن‘’ مما يعني أن المرشح في دائرة ضمن اغرام معين حسب هذا القول له الأولوية على حساب أفراد آخرين قادمين من مناطق أخرى، يجب أن يكون ضمن أو ابن تلك القبيلة  التي يسكنها نفس الشخص الذي يستطيع أن يصوت عليه، بل أكثر من ذلك حينما نجد اتحاد قبلي لاختيار فرد مناسب حسب تصرح المبحوثين، إذ يقال في هذا الصدد’’  أنمونات أنيني يوان واواان …هات داغ تجموع الوحدة‘’ أي ضرورة  التلاحم الذي يشكل قوة ووحدة من أجل الفوز بالجانب السياسي بوعي أو بدون وعي بالمجريات السياسية وخباياها .

في نفس السياق ودائما حول معايير اختيار الفرد المناسب للترشيح يضيف مبحوث آخر في الثلاثنيات من عمره، ‘’  يوف ايد العيب ن أوكنسو إيد الخير ن أبرا ‘’وأيضا  ،  ‘’الحمد لله هات آيت …آك آي نكا’’   بمعنى أن عيب ابن القبيلة أحسن من الخير الذي قد يأتي خارج القبيلة  وأننا جميعا أبناء القبيلة والحمد لله، ولا شك أن هذا القول  يجسد تلك المقولة الشهيرة في التاريخ القبلي للمجتمع المغربي، أنا وأخي ضد ابن عمي وأنا وابن عمي ضد الغريب حيث يكون الصراع على مستوى أدنى داخل القبيلة بينما الاتحاد يكون على مستمو أعلى لمواجهة أي خطر خارجي. زد على ذالك مفاهيم ذات تنشئة عنصرية كما يؤكد ذلك مبحوث آخرفي الثلاثينات من عمره ‘’  سيطران غيفناغ اقبليين ‘’ أي لقد سيطر علينا ذوي العرق ‘’ اقبليين ‘’، ويضيف مبحوث في العشرينيات من اثنية قبلية أخرى ‘  والله أوريتاني كان أملال أرديكس ندا ‘’ ، اي والله إذا نجح ذو العرق الأبيض سينتهي أمرنا .

أمور عدة صادفنها في هذا الموضوع، منها التي فاجأتنا ومنها التي تم العمل عليها منهجيا في الفرضيات الأولى للبحث، قد نساءل اليوم مجتمعاتنا بما فيها الأسرة كنواة المجتمع ودروها في تربية الفرد، ثم الشارع و المدرسة والإعلام بما فيهم من تأثير في شخصية الفرد. دون أن ننسى دور المجتمع المدني والهيئات السياسية … بما لها من دور في إعداد إنسانية الإنسان دون أي تعصب أو دغمائية. إلى أي حد يمكن لمجتمع اليوم بواحة فركلة خاصة التخلص من بقايا الصراع الثقافي والتاريخي ؟

إن العصبية القبلية هنا كعامل مفسر للسلوك الانتخابي ليس وحده هو المحدد بالقدر الذي نجد هنالك عوامل أخرى ، خاصة وان الرائد في علم اجتماع الانتخابات  انديه سفيريد A.Sigeferid، يؤكد على ثلاثة عوامل رئيسية وهي، العامل العقاري، العامل الدين، العامل التاريخي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق