الاثنين، 10 أبريل 2017

تقرير مفصل حول الدورات التكوينية  في مشروع (تقوية قدرات الشباب في مجال تتبع تدبير الشان المحلي)

تقرير مفصل حول الدورات التكوينية  في مشروع (تقوية قدرات الشباب في مجال تتبع تدبير الشان المحلي)
حسن حبران، (سلسلة التكوين الموازي)

بشراكة مع وزارة الشباب والرياضة وبتنسيق مع فضاء الأبحاث والدراسات في العلوم الاجتماعية، نظمت جمعية تضامن بلا حدود بمركز تكوين وتنشيط النسيج الجمعوي بحمرية (مكناس)، دورات تكوينية لفائدة الشباب في موضوع: » تقوية قدرات الشباب في مجال تتبع تدبير الشأن المحلي » وذلك أيام  ( 11 مارس،25مارس، 8أبريل، وستستمر الى غاية شهر ماي المقبل على شكل  دورات تكوينية أخرى موازية لمشروع تدبير الشأن المحلي لفائدة شباب تتراوح أعمارهم ما بين (18-30) سنة مع المناصفة بين الجنسين.
كان موضوع  الدورة الاولى خلال الفترة الصباحية من يوم السبت 11 مارس، '' الاطار القانوني للجماعات''،  حيث أطرها الاستاذ "ميمون الرحماني" والذي ركز على المواد التي جاء بها " دستور المملكة المغربية" المتعلقة بالجماعات، خاصة أحكام الفصل 146 الذي يحدد القانون التنظيمي في شروط تدبير الجماعات لشؤونها بكيفية ديموقراطية وتنفيذ رئيس مجلس الجماعة لمداولات المجلس ومقرراته...، أضف الى ذلك الاختصاصات الذاتية لفائدة الجماعة والاختصاصات المشتركة بينها وبين الدولة والاختصاصات المنقولة إليها هذه الأخيرة ( النظام المالي للجماعة ومصدر مواردها المالية).
 كما أشار في ذات السياق الى تدبير الجماعة لشؤونها سواء الشق المرتبط بمجلس الجماعة ( انتخاب الرئيس، أجهزة المجلس...) أو الشق الذي له علاقة بتسيير مجلس الجماعة مرور بالنظام الأساسي للمنتخب، ووصولا الى قواعد الحكامة المتعلقة بحسن تطبيق مبدأ التدبير الحر، كما أشار إلى نقط أخرى جاء بها الظهير الشريف   رقم85.15.1 صادر في 20 رمضان 1436 (7يوليوز 2015) بتنفيذ القانون التنظيمي رقم 14. 113المتعلق بالجماعات، ثم الحديث ومناقشة هيئة المساواة وتكافؤ الفرص ومقاربة النوع التي تختص بدراسة القضايا المتعلقة بتفعيل مبادئ المساواة وتكافؤ الفرص ومقاربة النوع، دون أن ننسى الاشكالات التي يطرحها هذا الاطار القانوني للجماعات سواء على مستوى التنزيل أو الثغرات التي تتخلله.
بينما الفترة المسائية من نفس اليوم، قد تمحور النقاش في موضوع ''مقاربة النوع في مجال تدبير الشأن المحلي"  والذي عرف تفاعلا من قبل المستفيدات والمستفيدين من الدورة،  حيث أطرت الأستاذة حسناء عباوي هذا الموضوع وركزت على كرونولوجية ميلاد مقاربة النوع بدء بالفرق البيولوجي بين الذكر والأنثى والخصائص المكونة لكل منهما، ثم الحديث عن البناء الاجتماعي للرجل والمرأة في مجموعة من المجالات والميادين ( الحياة الاجتماعية، تقسيم العمل حسب الجنس، الحياة السياسية، الحركات النسائية...)، ثم الاسهامات النظرية  لرواد مقاربة النوع في مجال السوسيواجيا من أمثال سيمون دي بوفوار .
أما الدورة الثانية  التي كان موعدها، يوم السبت 25 مارس 2017 من تأطير كل من الاستاذين ميمون الرحماني وبوعزي محمد، إذ كان الموضوع الذي أطر الفترة الصباحية  هو: "آليات الحوار والتشاور على ضوء القوانين التنظيمية للجماعات الترابية" والذي أشار فيها الاستاذ الرحماني  الى دور المقاربة التشاركية كآلية لإشراك الساكنة ومختلف الفاعلين في تدبير الشأن المحلي وتدبير مختلف الأنشطة التنموية، وامكانية المواطنين والمواطنات والجمعيات أن يدعوا عرائض لدى رئيس الجماعة، ثم دور هيئة المساواة وتكافؤ الفرص ومقاربة النوع على الترافع في مجموعة من القضايا التي تدخل ضمن اختصاصاتها، أي تلك المتعلقة بتفعيل مبادئ المساواة وتكافؤ الفرص ومقاربة النوع، ونسجل أيضا السؤال الذي رافق هذه الدورات التكوينية، هو ما مدى امكانية وملائمة تنزيل هذه الخطابات النظرية؟ والذي عرف نقاش حاد ضمن هذا المجال.
الفترة  المسائية من ذات اليوم، أطرها الأستاذ "محمد بوعزوي" على شكل ورشة عمل تخص تقنيات الترافع، فبعد تحديد مفهوم الترافع ومعرفة تقنياته، والوعي بإلزامية الالمام بالحجج والقوانين بمختلف ألوانها، وكذا الاحساس بالوضعية المشكلة التي تشكل نقطة انطلاق بالنسبة للمواطنين والمواطنات والجمعيات للترافع عنها، وبالتالي طرح سؤال قدرة الفاعلين على المرافعة أو المطالبة بالتغيير(وضعية مشكلة معينة) ضد جماعة ترابية ما، بما يخص السياسات العمومية؟ واذا كان الأمر ممكنا،  هل الفاعلين على دراية بالوضعية المشكلة أو على وعي بالمشاكل التي يعانون منها ولهم القدرة على الاحتجاج والدفاع عن قضاياهم بالحجج والادلة وثقافة القدرة على المسؤولية والمرافعة عن ذات القضايا؟ وقد تبين من خلال عرض النماذج التي تم الاشتغال عنها على شكل مجموعة، أن هناك مواهب (المستفيدين والمستفيدات) قادة على الترافع على مجموعة من القضايا، اذ تجلى ذلك بتوظيف أهم النقط والحجج والقوانين التي تم التطرق اليها.

وبانتقالنا الى الدورة الثالثة من يوم السبت  08ابريل 2017 بمركز تكوين وتنشيط النسيج الجمعوي بحمرية، دائما في مشروع "تقوية قدرات الشباب في مجال تتبع تدبير الشأن المحلي" من تأطير كل من الأستاذين: ميمون الرحماني ، خلال الفترة الصباحية و محمد بوعزي خلال الفترة المسائية. أما الأولى فقد كانت أكثر (تقنية) نظرا لارتباطها بالنظام المالي للجماعات الترابية وأسس الميزانية التشاركية باعتبارها سياسة استراتيجية معينة، ثم الحديث عن السياق التاريخي للدورة السنوية والنظام المالي للجماعة ومصادر موارها المالية سواء نسبة 30% من عوائد الضريبة القيمة المضافة، ثم التركيز على مكونات الميزانية ووحدة الميزانية وأهمية مبدأ التوازن من خلال تحقيق التوازن بين المصاريف والمداخل، مرورا  بالعجز الذي قد تعاني منها الجماعات الترابية خاصة في الفترات السابقة، كما تمت  الاشارة إلى نقط أخرى من قبيل تحملات الجماعة، ونفقات التجهيز، والنفقات الاجبارية، وصولا الى مراحل إعداد الميزانية ومرجعيات  اعداد الميزانية، سواء البرامج الانتخابية أو برنامج عمل الجماعات وتوجيهات وزارة الداخلية، في حين كان الموعد مع الاستاذ "محمد بوعزي" في الفترة المسائية على شكل ورشة عمل في موضوع دور الشباب والفاعلين الجمعويين في المساهمة في اعداد وتتبع برامج عمل الجماعات، اذ عرفت هذه الاخيرة استجابة من قبل الحاضرين ضمن هذه الدورة.

الاثنين، 7 نوفمبر 2016

الاحتجاج المجتمعي بالمغرب، وعي سياسي واجتماعي صاعد أم عفوية الجماهير




حبران حسن
ثمة رأي شائع في سوسيولوجيا الحركات الاجتماعية متعلق بكونية ثقافة الاحتجاج باعتبارها ظاهرة اجتماعية، ففي كل مجتمع نجد ثقافة الاحتجاج لها خصوصياتها الثقافة والسياسية والاجتماعية وكذا شروط انتاجها، وتتفق في شموليتها بأنها تسعى الى تغيير الاوضاع الاجتماعية والاقتصادية والسياسة لمجتمع ما، كما أنها تسعى لمطالب قد تكون مادية أو قيمية أو هما معا، ولعل ما يقع من احتجاج في المجتمع المغربي اليوم، يطرح أسئلة الثبات والمتغير، كما أننا نتساءل عن الأبعاد التي تحرك هذا الحراك المجتمعي، سواء تلك المتعلقة بوعي سياسي مجتمعي أو أخرى لها ارتباط محكم بردود أفعال اندفاعية وعاطفية.
لقد كثر القيل والقال بخصوص ما وقع للشهيد محسن فكري بمدينة الحسيمة، من قبيل أشكال احتجاجية تعبيرية متعددة، كما رفعت شعارات مختلفة ومتشابهة  في مجموعة من المدن المغربية التي عرفت ردود أفعال  حول هذه الحادثة، غير أن المتأمل لهذا الحراك المجتمعي سواء ما وقع قبل أيام قليل، أو أخرى مرة لمدة معينة، ''مي فتيحة '' وقبلها اطلاق صراح '' دانيال''، مسيرة الشموع بطنجة...، ناهيك عن أشكال احتجاجية خفية في ربوع هذا الوطن، فهنالك إذن مؤشرات تتطلب منا محالة فهما وتحليلها من خلال هذا المقال المتواضع.
لا يستقيم الحديث طبعا حينما ندرس ونحلل ونحاول فهم طبيعة هذا (الاحتجاج اللحظي)، بدون أن نستحضر بعض الدراسات النظرية التي تناولت الحركات والاحتجاجات الاجتماعية باعتبار هذه الأخيرة ظاهرة اجتماعية تختلف من مكان لآخر ومن سياق لغيره،  ولا شك أن مصطلح  "الحكرة" الذي انتفض ضده وتفاعل معه المغاربة في الحادثة الأخيرة مدينة الحسيمة، حرك عواطف معظم الشعب بأكمله دون أن ننسى ردود أفعال تكون واعية حتى لا نختزل هذا التحليل في ما هو عاطفي فحسب، ويفسر علم النفس الجماعي خاصة مع "غوستاف لوبون"  في كتابه   Psychologie des  foules الذي يضيء عقولنا عندما يشرح  جذور تصرفاتنا العمياء والاسباب التي تدفعنا للانخراط في جمهور أو التجمهر والتحمس اشد الحماس للزعيم او قائد معين الذي يلعب بمصطلحات ويكون لها ردود أفعال اندفاعية وعاطفية، من قبل جمهور يكون متأثرا لهذا الخطاب، بمعنى آخر أنه لأبسط الأحداث قد تنتفض الجماهير أو جماعة معينة خاصة اذا ما كانت القيادة هنا أكثر تأثيرا، لأن وعي الفرد هنا يكون غائبا وتتحكم فيه عواطفه، زد على ذلك المجال الاعلامي الذي انتشر فيه الخبر بشكل أسرع وبقوة تأثيرية لقيت استجابة.
 غير أن المتأمل لأمور أخرى لما يحدث من حراك مجتمعي وحركات احتجاجية في مغرب اليوم من خلال أشكال التنظيم، وحدة الشعارات خاصة المتعلقة بالمجال السياسي،  أساليب راقية في الاحتجاج كما رأينا في طنجة مؤخرا في مسيرة الشموع ضد أمانديس، وابداعات نضالية مع الاساتذة المتدربين السنة الماضية وغيرها، نستشف أن هنالك وعي سياسي وابداع جماعي لمختلف الاحتجاجات والوقفات التنديدية ومسيرات متعددة، إذ يعد الفرد هنا فاعلا ايجابيا سواء على الصعيد السياسي أو الاجتماعي دون ان نغفل القوة التأثيرية لهذه الاحتجاجات التي يناقشها "تشارز تيلي" في سياق آخر، أنها شكل من اشكال الترابط السياسي بين اشخاص ونظرائهم الذين يشتركون بنفس الهدف ويتكافلون جميعهم لإحداث تغيير في المجتمع لأجل ذلك الهدف الذي هو طبعا تغيير الأوضاع السوسيواقتصادية والسياسية، ثم الدور المميز لهذه الاحتجاجات في الرفع من مستوى الوعي والبناء الديموقراطي، ولا ينكر اثنان الدور الذي لعبته حركة 20  فبراير (كحركة اجتماعية) في تغيير بعض الاوضاع السياسية خاصة مع دستور المملكة  2011 الذي أتى  كاستجابة لهذا الحراك المجتمعي.
وفي سياق آخر، نسجل استراتيجية الافراد الذين شاركوا ولم يشاركوا في الاحتجاجات التي ذكرناها سابقا، لأن هناك دائما أسئلة نفعية وبراغماتية قبل المشاركة في أي احتجاج، فما نشاهده اليوم من اعتصامات وتظاهرات في مراكش بخصوص قضية التعليم في المغرب والادماج الذي يطالب به المحتجين، نجد أن الفئة الحاضرة بقوة هي الفئة المتضررة بالدرجة الأولى والراغبة أيضا في تحقيق مطالبها من ادماج وتحسين المدرسة العمومية، أما بخصوص الفئات الأخرى بالرغم من تضررها هي الأخرى فنجد أسئلة براغماتية ونفعية لأن العملية هنا ليست مباشرة بما يخص المطالب التي يسعون لتحقيقها، وتفسر سوسويولوجيا التنظيمات هذه الأفعال العقلانية أنها نابعة من الاستراتيجيات والحسابات العقلانيات التي يقوم بها الافراد قبل الانخراط في أي تجمهر أو أي مسيرة احتجاجية، يطرح الافراد أسئلة براغماتية متعلقة بماذا سيستفيد وماذا سيخسر من هذا الانخراط.
وعلى سبيل الختم، يبدوا أن إشكال الحراك المجتمعي بالمغرب هو اشكال مركب يتطلب وجهات نظر من مختلف الزوايا، قصد تحليل ما يقع من انتفاض أعضاء الجسد المجتمعي بلغة دوركايم، فمن جهة يتبين أنه يعول على المجتمع المغربي كأنه قطع أشواط توعوية من الجانب السياسي والاجتماعي، وحين آخر يبدوا العاطفي والاندفاعي هو سيد الموقف، ليبقى السؤال المطروح إلى متى يمكن للمجتمع المغربي أن يفرز حركة اجتماعية واضحة وبينة، سواء على مستوى مطالبها الذي بات من الواجب أن تكون واحدة وواضحة وتهم كافة المجتمع المغربي بغض النظر أن تكون قيمية أو مادية، ويكود عدوها واضحا وتوحد أيضا صفوف مختلف الفئات الاجتماعية المكونة للمجتمع المغرب التي تظهر كل واحد في كل موسم، وهذه الوحدة طبعا هي ما يخشاه النظام السياسي، أما تشظى النضالات والاحتجاجات والطالب فلا يزيد سوى تأزما للواقع. 

السبت، 22 أكتوبر 2016

عملية رمضان أو الهبة الرمضانية؛ علاقة سوسيوروحانية وأبعاد سياسية مقاربة سوسيوانثروبولوجي


عملية رمضان أو الهبة الرمضانية؛ علاقة سوسيوروحانية وأبعاد سياسية مقاربة سوسيوانثروبولوجية
بقلم حسن حبران
في واقع الأمر، لا يستقيم تحليلنا هذا لظاهرة “الهبة الرمضانية” أو ما يسمى في الثقافة الشعبية (المعاونة، العطاء، قفة رمضان…) دون أن نرجع إلى نموذج نظري علمي يُمَكننا من فهم ومحاولة تحليل وتأويل ظاهرة الهبة الرمضانية، ليس رغبة ذاتية فحسب، وإنما أصبحت هذه الظاهرة معيارية كلما حل علينا شهر رمضان. زد على ذلك أن الأمر يستدعينا إلى دراستها دراسة وضعية؛ غاية منا محاولة تفكيك هذه الظاهرة الموسمية والاجابة عن عينة من الأسئلة المحورية، فكيف يعمل نظام الهبة؟ وما الغاية وراء ذلك؟ وإذا كان التكافل الاجتماعي والتآخي بين الناس من بين الأسباب الظاهرة التي تدفع البعض إلى الانخراط في هذا العمل والتفاعل فيه، فما هي الأسباب الخفية، أو بصيغة أخرى ما هي القوى الكامنة داخل الشيء الموهوب؟ ثم كيف يمكننا فهم تزايد هاته الأفعال الاجتماعية في شهر يطغى عليه الطابع القدسي؟

 من المعروف أن مقولة المقدس استعملت على الخصوص، بشكل سيئ من طرف الأجيال اللاحقة، إلى درجة أن استعمالها اليوم من قبل كاتب ما يعد مغامرة[1]، ولعلنا نغامر في هذا السياق ونقول أن شهر رمضان بكونه شهرا مقدسا عند معظم ( المسلمين) “باعتباره ذلك الشهر الذي أنزل فيه القرآن الكريم…”، إنه يحتوي على دلائل دينية أو روحانية، كما يشكل في الوقت نفسه مناسبة سياسية ذات أطماع سلطوية عند البعض الآخر؛ فحينما نستحضر توزيع الهبة الرمضانية أي تلك الخدمات أو القفة الرمضانية التي تقدمها جهات معينة إلى الطبقة الفقيرة  إذ نجد الغاية من ذلك لها أهداف سياسية دون أن نتغافل عن طابعها الاجتماعي المتمثل في نشر ثقافة التكافل والتضامن الاجتماعي، فالهبةــ حسب مارسيل موس ـــ هي علاقة اجتماعية كلية قبل كل شيء[2]، وهي علاقة تؤسس على مبدأي الواجب والالتزام، ومن هنا ندرك أن الهبة تشكل نسقا من التبادلات الضرورية تتجاوز مجرد تبادل للمتلكات، وهذا النسق ليس شيئا آخر غير النسق الاجتماعي في شموليته، بما يتأسس عليه من علاقات خدمة ومصالح سياسية وعلاقات سلطوية بالأساس.

بطبيعة الحال، أن ما نود التأكيد عليه هو أن هناك مَنطق عقلاني استراتيجي خاص يهم هذا النظام (الهبة الرمضانية) فالتحليل الدقيقة او الحقائق الصرفية تكمن فيما هو خفي باعتبار أن لا علم إلا بما هو خفي،أو بالأحرى الطرف الموهوب، وأهدافه طبعا تكون قصدية ومحددة، بحيث لا وجود لهبة مجانية؛ فكل عنصر من داخل سيرورة بناء الهبة الرمضانية يتحرك بعقلانية محضة، وهو يقدم تلك القفة الرمضانية وفي مخيلته ما يسمي مارسيل موس برد الهيبة le contre don، ف”التبادلات والتعاقدات في الحضارة الاسكندافية، كما في عدد كبير من الحضارات، كانت تتم تحت شكل تبادل للهدايا بصفة اختيارية في الظاهرة، والحال أنها كانت تتم في الواقع بصفة قسرية، إذ تستلزم كل هدية الرد عليها بأخرى”[3]، فإذا كانت المؤسسة الملكية وعينة من الأحزاب السياسة ومؤسسات المجتمع المدني تقدم الحريرة الانتخابية تحت غطاء التكافل الاجتماعي والتصدق بما ” أوتيت مطامحهم ” فإن البعد الإلزامي لدر الهيبة يبقى دين ولو بعد حين.

إن الرد على الهبة لابد أن يكون بمثلها أو بأفضل منها، فإذا كان الطرف الموهوب يقدم قفة رمضانية في سعر محدود، فإن الموهوب له لا يستسلم لهذا الأمر؛ خاصة وأن قدوم الانتخابات قد ترد بهذا الشكل أو ذاك، ثم أننا لا نستغرب عن حب روحي لمؤسسة معينة في مجموعة من مراسمها التي يمكننا اعتبارها بمثابة رد الدَّين بكيفية الولاء والطاعة. فما يفسر ازدياد ما يسمى بالتكافل الاجتماعي والتعاون والتصدق…، في شهر يزداد أكثر قدسية عند معظم المغاربة، هو أهداف استراتيجية ممزوجة بالطابع التديني لهذا المجتمع، “فالهبة كمبدأ أخلاقي واقتصادي إنساني مهم، عليه تتأسس الكثير من التشريعات الاقتصادية والقانونية المعاصرة”، [4]

 لكن، لا نقف فقط ضمن هذا التحليل المتواضع لأن الوصم الاجتماعي la stigmatisation  social يشكل حضور ضمن نظام الهيبة الرمضانية، فعندما نستحض أفراد معينين قادمين من طبقة (فقيرة) الذين  قد يرفضون  هذه “القفة الرمضانية” أن تقدم لهم، ليس لأنهم ميسورين وإنما مخافة أن يوصموا بأنهم فقراء من طرف أفراد المجتمع، وبالتالي  التقليل من المكانة الاجتماعية؛ أي أن تبنى تلك النظرة الدونية تجاه الطرف الموهوب له. لذى تلجأ بعض المؤسسات لتقديم هاته الهبات بشكل غير ظاهر( الليل مثلا أو ارسالها عبر المقربين…) لكن هذا لا ينفي تلك الأهداف الاستراتيجية منها  السياسوية والاجتماعية.

حسن حبران

[1]  فرانسوا غوتيي، موس والدين إرث موس عند ليفي ستراوس وباتاي (وتجاوز موس لهما)، الملفات البحثية- قسم الفلسفة والعلوم الانسانية 01 فبراير 2016، تراث الأنثروبولوجيا الفرنسية، في تقدير الممارسة الفكرية لمارسل موس، تنسيق وتقديم: يونس الوكيلي، مؤمنون بلا حدود، ص 17

[2] Jacques Godbaut et Alain caillé : L’esprit du don, Edition de la découverte. Paris 1992, P15

[3] مارسيل موس ، مقالة في الهبة Essai sur le don، أشكال التبادل في المجتمعات الأرخية وأسبابه، ترجمة وتحقيق محمد الحاج سالم، دار الكتاب الجديد المتحدة، بيروت-لبنان، جنانفي 2014، ص20.

[4]  يوسف بن موسى، أنثروبولوجيا الهدية وأنساق التبادل، عرض كتاب الهبة لمارسيل موس، الملفات البحثية- قسم الفلسفة والعلوم الانسانية 01 فبراير 2016، تراث الأنثروبولوجيا الفرنسية، في تقدير الممارسة الفكرية لمارسل موس، تنسيق وتقديم: يونس الوكيلي، مؤمنون بلا حدود، ص 66.

فصل المقال في ما بين السياسة والعلاقات الاجتماعية من انفصال



زاوية نظر: فصل المقال في ما بين السياسة والعلاقات الاجتماعية من انفصال
تنجداد 24

بقلم: حسن حبران 
الانسان كائن اجتماعي وسياسي بطبعه وبتربيته، فالإنسان لا يصير انسانا سياسيا واجتماعيا الا بطبعه أو بتربيته حتى وان كانت التربية احيانا جردته من انسانيته، ولأن العالم المعيش عالم مليء بالتناقضات والتأويلات والتفسيرات و فهام متعددة؛ كل حسب الاديولوجية التي ينطلق منها وإن كانت تدعي العلمية والموضوعية. سار من الواجب إذن أن نقف وقفة تأمل وموقف من ابراز العلاقة التي تربط وتفصل بين العمل السياسي والعلاقات الاجتماعية، وبينما نحن في زمن يتداخل فيه السياسي بالاجتماعي ازداد شغفنا بالاهتمام بالموضوع أكثر، وبمناسبة حلول الانتخابات التشريعية وما تنتجه هذه الاخيرة من صراع بين الاهل والاصدقاء والجيران…، لم نتردد في كتابة هذا المقال المتواضع الذي أتى تحت الطلب، ايمانا منا بضرورة خدمة المجتمع قبل كل شيء والفصل المقدس بين العمل السياسي والعلاقات الروحية.
في البداية، يجب أن نسجل في هذه المناسبة أن المقال مجرد مساهمة نظرية وعملية في نفس الوقت، سعيا منا بالنهوض بالوعي المجتمعي والسياسي، وقبول الاختلاف والرأي الآخر في الممارسة السياسية التي قد ينتج عنها كما قلنا سابقا خلل في المنظومة المجتمعية، فسواء كانت هذه الممارسة من داخل الهياكل التنظيمية البيروقراطية أو خارجها تبقى كيف ما كان شكلها ومضمونها محترمة وقابلة للنقد. فمن جهة، يكون العمل السياسي بكل ما يحمله المفهوم من معنى ودلالات خاصة (المؤسسات السياسية) هي قناعة ذاتية قبل كل شيء فهي التي تقترح نفسها كمؤسسات تسعى الى تنظيم الشأن العام وتسيير حياة الأفراد والجماعات، بينما يبقى الدحض لهذا الانتماء؛ فلسفة نقدية واعية بشؤونها فهي أساس تطور وتحول المجتمع لا على المستوى السياسي ولا على المستوى القيمى. ومن جهة أخرى، تكون العلاقات والأنساق والتفاعلات الاجتماعية التي تربط بين الافراد فيما بينهم أو الجماعات فيما بينها أو حتى الفرد في علاقة مع جماعة، لها دورها ووظائفها في الحياة الاجتماعية فهي أشبه الى مفهوم القداسة، ليس بطابعه الديني وإنما كقيمة وجودية ومجردة تتطلب كامل الاحترام والامتنان، فهي ارث انضافت اليه بصمتنا في الحياة كما أنه ملقى على عاتقنا تفعيله، إن علاقة هذا بذاك أشبه بأن يكون بعلاقة السياسي بالديني بينما تصورنا هنا كمن يدافع عن فصل ما هو سياسي عما هو ديني، أي فصل الاجتماعي عن السياسي، فالأول (الاجتماعي) قيمة وجودية تنصهر فيه كافة الاديولوجية والصراعات السياسية بينما الثاني (السياسي) يستدعي منا الأمر التنازل عن الاجتماعي والعاطفة والرابط الاجتماعي والعصبية القبلية…، هكذا كانت الانوار يوما ! بنزع الطابع السحري عن العالم، بالفصل الجريء بين الدين والسياسية بحرية التفكير… انه يجب أن نفصل بين العمل السياسي والتفاعلات الاجتماعية، فلو افترضنا اننا اختلفنا سياسيا فيجب ألا يؤثر ذلك على الراوبط الاجتماعية سلبا.
إن هذا النقاش الدائر حول علاقة السياسي بالاجتماعي، يطرح جملة من الرهانات، من أبرزها القدرة على فصل الوظائف والادوار السياسية والاجتماعية فيما بينها لأنه ” لكل سياق تعامل”، طبعا سنقولها بسارح العبارة أننا لا ندعي ولا ندافع عن تشكيل قطيعة اجتماعية لكل من اختلف معنا سياسيا، لان العلاقات التي تربطنا سياسيا شيء، والتفاعلات الاجتماعية شيء آخر، فحتى وان شاء القدر أن نصل سياسيا الى ما وصلنا اليه، لا يجب أن نهدم تلك العلاقات الاجتماعية الروحية التي تربط بيننا.
وتأسيسا على التجارب الانتخابوية والسياسوية التي مضت، أكيد ان العديد من الروابط الاجتماعية والروحية التي هي أساس التوازن المجتمعي وقلبه النابض، انهارت بسب السياسي، وسارت ضحية مصالح طبقة معينة التي تستفيد من هذه المعمعة وهذا الصراع ككل وبالتالي ما فائدة تجربة سياسية لم نستفد منها؟

بقلم: حسن حبران

الثلاثاء، 31 مايو 2016

بنية العصبية القبلية في السلوك الانتخاب

بقلم: الطالب الباحث حسن حبران

لا نود في المقام أن نسلط الضوء على حزب معين، حتى لا نتهم بالشباطوية أو العدلوية أو الباموية أو شيء من هذا الفهم السياسي، بالقدر الذي دفعنا اندماجنا اليومي للاستعدادات الانتخابية بوعي أو بدون وعي أو الحملة الانتخابية قبل أوانها، ليس انخراطنا فيه. وإنا  نريد أن نسجل إلى أي حد استطاع إنسان القرن الواحد والعشرين عامة، وإنسان واحة فركلة خاصة التخلص من تلك العصبية القبلية؟ كما لا ننفي بتاتا محاولة فهم وتفسير  وتأويل ما يجري في واقع الأمر انطلاقا من معطيات سوسيوثقافية ورأسمال ثقافي ذو تنشئة اجتماعية محض. فإلى أي حد استطاع إنسان فركلة اختيار مرشحه بكل قناعة ذاتية وفهم موضوعي وعقلاني  للجانب السياسي ؟ كيف يحضر مفهوم العصبية القبلية والانتهازية) النفعية( في الممارسة الانتخابية بواحة فركلة؟ خاصة في العالم القروي أو إن شئنا القول شبه حضري .

إن إشكالية  العصبية القبلية  في علاقاتها بالجانب السياسي ليس وليد اللحظة بالقدر الذي نجد هنالك تراكمات عدة عبر التاريخ السوسيوثقافي والاجتماعي للمجتمعات الإفريقية عامة والمجتمع المغربي خاصة وصولا إلى المغرب العميق بلغة السوسيولوجي بول باسكون. فإذا كانت العصبية القبلية بالفهم الخلدوني تشكل مفتاح جميع المشكلات التي يطرحها أحداث التاريخ الإسلامي وأنها تشكل مرحلة واحدة تقف عند النسب ) الشرفاوي ( والتلاحم والمصاهرة و وحدة الدم، مرورا بالتفسير الدوركايمي من المجتمع ذو التضامن الآلي إلى المجتمع العضوي، ثم أبحاث كولونيالية وانقسامية التي أكدت ) ايدولوجيا ( على البنية السياسية للقبيلة أنها قائمة على اديولوجية النسب أو الجد المشترك، حتى وان كانت الانقسامية ذات العلمية النسبية.

نعود اليوم لمغرب القرن الواحد والعشرين حاملين معنا مجموعة من المعطيات الميدانية التي لها علاقة بالسلوك الانتخابي وأسئلة منهجية مرتبطة بواقع اليوم، ليس لنؤكد على النظريات السابقة التي كرست جهدا لدراسة مجتمعاتنا حتى لا نقع في نوع من الاختزالية أو الإسقاط، وإنما لإزالة الستار عن المخفي بحجة أنه لا علم إلا بما هو خفي، ثم محاولة فهم إلى أي حد لازالت تحضر تلك المفاهيم المرتبطة بالقبيلة. هذا إذا ما افترضنا أن جميع مقومات القبيلة ــ التي لا يسعنا ذكرها في هذا السياق ــ  تحضر في مجتمع اليوم ! يقول أحد المبحوثين في صدد مقابلة مفتوحة حول آليات أو معايير اختيار مرشحه المفضل الذي سيصوت عليه، علما أننا قصدنا أفراد سجلوا في اللوائح الانتخابية، ‘’ أنسكسو إغرام ناغ عاد نسكسو اغرمان ياطن‘’ مما يعني أن المرشح في دائرة ضمن اغرام معين حسب هذا القول له الأولوية على حساب أفراد آخرين قادمين من مناطق أخرى، يجب أن يكون ضمن أو ابن تلك القبيلة  التي يسكنها نفس الشخص الذي يستطيع أن يصوت عليه، بل أكثر من ذلك حينما نجد اتحاد قبلي لاختيار فرد مناسب حسب تصرح المبحوثين، إذ يقال في هذا الصدد’’  أنمونات أنيني يوان واواان …هات داغ تجموع الوحدة‘’ أي ضرورة  التلاحم الذي يشكل قوة ووحدة من أجل الفوز بالجانب السياسي بوعي أو بدون وعي بالمجريات السياسية وخباياها .

في نفس السياق ودائما حول معايير اختيار الفرد المناسب للترشيح يضيف مبحوث آخر في الثلاثنيات من عمره، ‘’  يوف ايد العيب ن أوكنسو إيد الخير ن أبرا ‘’وأيضا  ،  ‘’الحمد لله هات آيت …آك آي نكا’’   بمعنى أن عيب ابن القبيلة أحسن من الخير الذي قد يأتي خارج القبيلة  وأننا جميعا أبناء القبيلة والحمد لله، ولا شك أن هذا القول  يجسد تلك المقولة الشهيرة في التاريخ القبلي للمجتمع المغربي، أنا وأخي ضد ابن عمي وأنا وابن عمي ضد الغريب حيث يكون الصراع على مستوى أدنى داخل القبيلة بينما الاتحاد يكون على مستمو أعلى لمواجهة أي خطر خارجي. زد على ذالك مفاهيم ذات تنشئة عنصرية كما يؤكد ذلك مبحوث آخرفي الثلاثينات من عمره ‘’  سيطران غيفناغ اقبليين ‘’ أي لقد سيطر علينا ذوي العرق ‘’ اقبليين ‘’، ويضيف مبحوث في العشرينيات من اثنية قبلية أخرى ‘  والله أوريتاني كان أملال أرديكس ندا ‘’ ، اي والله إذا نجح ذو العرق الأبيض سينتهي أمرنا .

أمور عدة صادفنها في هذا الموضوع، منها التي فاجأتنا ومنها التي تم العمل عليها منهجيا في الفرضيات الأولى للبحث، قد نساءل اليوم مجتمعاتنا بما فيها الأسرة كنواة المجتمع ودروها في تربية الفرد، ثم الشارع و المدرسة والإعلام بما فيهم من تأثير في شخصية الفرد. دون أن ننسى دور المجتمع المدني والهيئات السياسية … بما لها من دور في إعداد إنسانية الإنسان دون أي تعصب أو دغمائية. إلى أي حد يمكن لمجتمع اليوم بواحة فركلة خاصة التخلص من بقايا الصراع الثقافي والتاريخي ؟

إن العصبية القبلية هنا كعامل مفسر للسلوك الانتخابي ليس وحده هو المحدد بالقدر الذي نجد هنالك عوامل أخرى ، خاصة وان الرائد في علم اجتماع الانتخابات  انديه سفيريد A.Sigeferid، يؤكد على ثلاثة عوامل رئيسية وهي، العامل العقاري، العامل الدين، العامل التاريخي.

اليوم العالمي للمرأة 8 مارس، أي دور للحركات النسائية ( السياق والمضمون)




بقلم الطالب الباحث: حسن حبران

يقدم هذا المقال مساهمة متواضعة لمفهوم المرأة عامة ونضالها نحو مناشدة التغيير، ثم فهم معنى اليوم العالمي للمرأة الذي يصادف كل من 8 مارس من كل سنة  السياق والمضمون، والى أي حد تعتبر تلك المرأة المكافحة المناضلة المرتبطة بسياقات متعددة في هذه الحركات النسائية .

إذا كنا بالنباهة الكافية، سنسجل في هذا السياق سبعينات من القرن العشرين، بظهور حركات نسائية تطالب بتحرير المرأة في مختلف المستويات والمجالات، مع العلم أنه لا يمكن  تحديد هذا التاريخ كتاريخ حتمي وقطعي لبدء النضالات النسائية  لأن تاريخ المجتمعات البشرية حافل وحامل لتمردات نسائية ضد السلطة الأبوية أو النظام البطريكي، ثم أن  الحضارات الإنسانية عبر التاريخ إلى اليوم،  والمرأة في بيئات القمع والإره
اب والتخلف والتمييز والاستغلال. قد ناضلت المرأة وما زالت تناضل من أجل الحرية والعدالة للجميع ومن أجل المساواة مع الرجل في الحقوق الأساسية، بغض النظر عن الزوايا الإيديولوجية والفكرية  لما يجب أن تتمتع به المرأة .

لا يختلف اثنان بكون اليوم العالمي للمرأة الذي  يحتفل به العالم في كل من8  مارس ليس وليد مجتمعاتنا المركبة (الامازيغية والعربية)، بل جاء في زمن وسياق التطور الحاصل بالمجتمعات الأمريكية والغربية، الذي تميز بالفورة الصناعية والتزايد السكاني الكبير وخاصة في المدن ورافق هذا الصعود تنامي للأفكار الثورية وتجمعات مناهضة الاستغلال والاستبداد واضطهاد المرأة بسبب السلطة الأبوية أو النظام البطريكي patriarcal system، وتماشيا مع أحداث ووقائع عدة في المجال السياسي والاجتماعي التي حرصت المرأة على تغييرها، وفي يوم 8 مارس سنة 1975 تم الاعلان عن سنة دولية للمرأة.

ومنذ ذلك التاريخ والثامن من مارس سار يوما مهما لدى نساء العالم في كافة القارات والبلدان، لكن السؤال الذي يطرح نفسه في هذا المجال، اذا كانت المرأة الأوروبية والامريكية والمغربية نسبيا قد استطاعت فعلا  أن تقطع أشواطا مهمة في تحرير ذاتها من مختلف القضايا والسياقات والمستويات، ماذا عن المرأة المحلية كامرأة مغربية وماذا عن المرأة القروية التي تعاني الويلات، الى أي حد تعطي المعنى الحقيقي أو الصائب بالأحرى لمفهوم التحرر؟  وأي تحرر نقصد؟ هل هو السير على خطى الغرب ام أن لمجتمعاتنا خصوصيات اقتصادية وثقافية واجتماعية ودينية وربما سياسية؟ الى أي حد يتم تنزيل مقتضيات الدستور المغربي الذي ينص على التمتع بشكل سوي بين الرجل والمرأة بالحقوق والحريات المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية؟

فالعديد من هذه الأسئلة المتربطة بين الخطاب والممارسة أو النظري بالواقعي،  وحده الميدان قابل للتحقق من هذه  الأسئلة، كما أنه رهان أساسي لفهم وتفسير واقع وآفاق المرأة المغربية عامة والمحلية خصوصا، كما أن هذه الدراسات الميدانية  تساعدنا على تحديد مكامن الخلل والنقص والتهميش والاضطهاد الذي تعانيه المرأة المغربية عموما، صحيح اننا لا يمكن  أن نسير خارج سكة التطور كما لا يمكننا أن ننخرط انخراطا أعمى  في مختلف مستويات التطور، بمعنى أننا في حاجة الى تكريم المرأة نظرا للواقع المزرى الذي تعيشه ، سواء كثقافة سائدة في مجتمعنا  او الثقافة التي يتم تسيديها  أو مختلف السياقات التي تستغل ( بضم التاء) فيه المرأة من إشهار واعلام أو الخضوع والانصياع لرغبات الرجل.