الخميس، 2 يوليو 2015

اديولوجية المدرسة المغربية



بقلم حسن حبران
إذا كنا بالنباهة الكافية سنقول نسبيا بأن الأسرة تشكل نواة المجتمع، تليها مجموعة من المؤسسات الاجتماعية الأخرى التي تساهم في بناء رجل الغد. ولعل المدرسة هنا من بين المؤسسات الاجتماعية الأساسية التي تنظم النسق الكلي وفق قواعد ومعايير محددة مسبقا، كما أنها من بين المؤسسات المزدهرة إذ لم تتوقف أعداد تلاميذها عن الازدياد في كل أنحاء العالم[1]. وحينما نتساءل عن طبيعة المعايير والقواعد التي تتضمنها تلك المناهج التربوية والتي تم زرعها فينا ويتم زرعها في أذهان تلاميذنا، نكون حتما أمام الحقيقة الجوهرية لهذه المضامين وعن خباياها السياسية والاديولوجية.
إن المدرسة المغربية منذ )الاستقلال( إلا وكثر الجدال حول ماهية المدرسة التي يستحقها المغاربة  في العهد الجديد [2]، كما تبلور في الآن نفسه مشروع المدرسة الوطنية الذي كان من المفترض أن تشكل قطيعة مع تلك المدرسة الكولونيالية، حيث تم الرهان على أربعة مبادئ أساسة وهي التوحيد، والتعريب، والتعميم، والمغربة.
ويؤكد السوسيولوجي الراحل عبد السلام حيمر، في نفس السياق أنه تم إنجاز بعض المبادئ على رأسها مبدأ المغربة في حين تحقق بعضها ناقصا كالتعريب، ولم يتحقق بعد التعميم والتوحيد.
فالمدرسة لا تخلو من انعكاس تناقضات الدولة والمجتمع على بنياتها وأدائها لوظائفها، فالتلميذ الناجح في المدرسة المغربية هو التلميذ المنتمي إلى الطبقة العليا باستثناء فئة قليلة التي يحاولونا اقناعنا بأن هناك تكافئ الفرص…، أما أصحاب الطبقة الدنيا فثقافتهم لا تتلاءم طبعا وفق ما تتضمنه المناهج التربوية وبالتالي نكون أما مقولة إعادة إنتاج المجتمع الثقافي بتعبير بورديو، أي أن الطبقة الحاكمة تعيد إنتاج ثقافتها عبر معايير وقواعد ومناهج تربوية بل أكثر من ذلك أن المدرسة تعطي الغباء وأن أطفالنا بتعبير السعداوي يتلقون تعليما أشد من الجهل، فالمدرسة هنا تستعمل كآلية اديولوجية، إذا لم  نقل أنها مؤسسة اديولوجية بامتياز، فعوض الحديث عن مدرسة تحافظ على التماسك الاجتماعي وإدماج الفرد ضمن نسق اجتماعي كلي يضمن استمرارية المجتمع أصبحت هذه الأخيرة حكرا على فئة معينة.
ولعل مقولة التوجيه وتكافئ الفرص والبيداغوجية الفارقية وغيرها من الرهانات البيداغوجية، أكبر أكذوبة تمت صياغتها نظريا، فالمتأمل والملاحظ ميدانيا للمدرسة المغربية يستنكر جل هذه المفاهيم، لا على مستوى المردودية ولا على المستوى الأجرة وحتى الملائمة للخصوصية السوسيوثقافية المغربية.
فالمدرسة العادلة هي تلك المدرسة التي تعبر عن هموم الشعب وهذا ما تفتقده هذه الأداة الوسيط، بل أكثر من ذلك أن المدرسة الناجحة هي المدرسة التي تتجاوز فكرة إعادة الإنتاج  المجتمع الثقافي في سبيل إنتاج إنسان جديد يعبر عن موقعه الطبقي، ويتجاوز فكرة الإنسان الآلي الذي يتركز على الحفظ وإعادة الترديد الحرفي كما كان ذلك سائدا في الكتاتيب القرآنية، وربما لا زالت نفس البيداغوجية القرآنية  قائمة إلى يومنا هذا.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] ألفي ربول، فلسفة التربية، دار توبقال للنشر، ترجمة عبد الكبير معروفي ومراجعة عبد الجليل ناظم، الطبعة الأولى1994، ص30.
 عبد السلام حيمر، مسارات في التحول السوسيولوجي في المغرب، منشورات الزمن، نونبر 1999، ص60.[2]

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق