الأربعاء، 12 فبراير 2014

الأفلام المــدبلجة ثـقافة بـعيدة عـن واقعنا ، والتعطش لمشاهدتها واقع معـا

الأفلام المــدبلجة ثـقافة بـعيدة عـن واقعنا ، والتعطش لمشاهدتها واقع معـا

    مما لا شك فيه، أن الأسرة كانت ولازالت تشكل تلك النواة الجوهرية والاساسية  للمجتمع، فمنها ينشأ  الفرد  ليبني العالم المحيط به، مرورا عبر مؤسسات المجتمع المدني المتمثلة في الجمعيات -  جماعات من السكان مؤسسات العمل الخيري ... و صولا الى المدرسة كواحدة من بين المؤسسات التي تعتني بالطفل أو الفرد خاصة  بجانبيه التربوي و المعرفي . وهذا  من أجل تكوين شخصية ناجحة قادرة علي تحقيق مجموعة من  النتائج الايجابية في الحياة عموما ، كما ان العامل الثقافي أمر لا يستثنى في هذا الطرح مع العلم ان هذه الثلاثية ( الاسرة ، المجتمع المدني ، المدرسة ) تترابط  من داخل ما هو ثقافي كما يمكن أن تنشطر هذه القسمات  لتصب كل واحد في واد ... ليتيه الفرد ويكون خارج التفاعل  الاجتماعي ويعيش عالمه الخاص.
    ان واقع تتبع الافلام المدبلجة بهذا الشكل، هو أمر لم يلد من فراغ ولم يتشكل هكذا اعتباطيا أي أنه ليس وليد اللحظة بل كانت ولازالت مجموعة من الشروط هي التي أوصلتنا الى حالنا اليوم . بالإضافة طبعا الى بصمة ذاتية ولو بشكل طفيف ليصبح ما هو غير معياري معياري في يومنا هذا ، غير معياري لان تتبع هذه الافلام كانت مرفوضة من قبل شريحة مهمة من المجتمع أما حاليا ومع مرور الوقت أصبح تداولها مسألة عادية و معيارية . يكفي النبش في ذاكرة بعض الابواق الاعلامية والقنوات التلفازية لنستخلص أن هذه الظاهرة ليست وليدة اللحظة حيث نجد تلك الافلام المكسيكية التي كان التعاطي لها خاصة في تلك الأوقات التي تنتهي الام من أشغالها المنزلية وكانت هذه الأفلام تعرض آن ذاك بالفصحى، لتجد الأم التلفاز أنيسها الوحيد و الأوحد و فلم  ينتقل بها من واقع مرير وبعيد كل البعد عن أبسط الاشياء الذي يتميز بها الانسان الغربي لتعيش واقعه في تلك اللحظة ، وربما فيما بعد على المستوى الخيالي ،اذ يتبين ذلك عبر مجموعة من الأقاويل التي تتداول في أوساطهن أي الأمهات ثم شباب وشابات مع ازدياد طبيعة تتبعها كميا وكيفيا .
    إذا كنا بالنباهة الكافية ، سنسائل الاسرة كنواة المجتمع رغم التغير التدريجي الذي وقع لها لا على مستوى الأدوار الوظيفية ولا على مستوى السلطة  ثم القيم ، وهذا على أساس الاجابة عن هذا التغير في نسقها و بنيتها وفي فهم ما يجري في واقعنا اليوم . الاسرة التي كانت تلعب دلك الدور التربوي للطفل و المدرسة بدورها المعرفي ، اما الآن فقد استعصى الامر ليهتم كل طرف فقط بتربية الطفل مع القليل من المعرفة بالإضافة الى المجتمع المدني رغم اختلاف أهدافه وأدواره والتغير  الذي يتعرض له من سياق اجتماعي معين لآخر ، لقد أصبحت مشاهدة هذه الأفلام خاصة مع ازدياد برمجتها في بعض القنوات التي شوهت هويتنا وميعت واقعنا بحجة الالتحاق بالخط التطوري و التقدم و الانفتاح على باقي الثقافات ...  امر يهدد واقعنا وثقافتنا، انه الامر الذي يدفعنا لمساءلة الاسرة من جديد متي كان هذا الأمر معياريا في أوساطنا  الاجتماعية ؟خاصة وأن بعض الاسرة تشاهد كل هذه الامور جماعيا ... و بشكل علني ليتم مناقشة كل حلقة من حلقات الأوهام وفارس الاحلام أو شيء من هذا القبيل ، زد على ذلك ان الأسرة نظرا لما أصابها من تفكك و تشتت انه واقع لا يبشر بالخير ويزداد خطورة الأمر أنه أصبح شيء عادي ومعياري في حياتنا اليومية  و يتم  شرعتنه  من حين لآخر ، ان صح التعبير . هذا من جهة ،ومن جهة أخرى ما دور الجمعيات في هذا الشأن ؟ الا يمكن القول أن عبرها ينتقل الفرد من الاسرة الى المدرسة .
   ان المدرسة هنا كبديل وظيفي ، هذه الأخيرة التي تتعاطى من داخلها بعض السلوكات و التصرفات  التي تعكس ذلك العالم الافتراضي الذي بصمته هذه الأفلام في عقول متتبعيها  ، ليتم مناقشة حلقات هذه الأفلام وتوقعات بالجملة، انتظرات بكل شغف عن ماذا سيجري في سلسلة مقبلة ، ولا أحد يحرك ساكنا . فمتى كانت المدرسة هكذا ؟ ام أصبح '' كل يلغي بلغاه '' أو أن الأمر يتعلق بانعدام المسؤولية من قبل بعض رجال مع العلم أن هناك من يصف المدرسة او التعليم المغربي عموما كدال فقد مدلوله .
   على سبيل الختم، يمكننا أن نتسائل حول ما اذا كانت هناك أطراف مسؤولة حول هذا الشأن تستهدف تمييع ثقافتنا و أسرنا  أو مجتمعنا عموما؟  هذا مع استحضار مقولة المرحوم محمد كسوس ،'' انهم يريدون خلق جيل من الضباع '' ثم ألا يمكن البحث عما هو ايجابي في هذه الأفلام المدبلجة بدل البحث عن ما هو سلبي ؟ ثم ألا يمكن تفسير  تدني المستوى  الدراسي أو المعرفي لدى التلميذ راجعة الى كل هذه العوامل  الاسرية و المدرسية و المدنية و الثقافية؟.